ملاحظات حول مشاركة بعض اللاجئين في مهزلة الانتخابات

2021.05.26 | 06:57 دمشق

1621947384.jpg
+A
حجم الخط
-A

انتشرت شائعات عديدة وضجة حول أرتال اللاجئين السوريين ومسيراتهم المحتشدة من أجل التصويت في سفارات النظام السوري في لبنان ودول الجوار وأوروبا .

والصحيح أن ذلك لم يحدث كرتل إلا في لبنان، وقد منع إجراء ذلك ( أي ما سمي بالتصويت على الانتخاب)  بقرار حكومي معلن في كل من تركيا  وألمانيا . أما في فرنسا ، فقد صدرت مذكرة، قبيل ليل 20 أيار، من قبل الخارجية الفرنسية بعدم منع الانتخاب داخل المركز الثقافي السوري الذي يقوم بأعمال القنصلية السورية، بحجة أنه لاسيادة للدولة الفرنسية على داخل المركز ، وفي نفس الوقت تم السماح لمظاهرة صغيرة بالتجمهر ضد جريان الانتخاب . وكان عدد المصوتين ضئيلا وفق روايات عديدة، وذلك تعبيرا عن لعبة باسم الديمقراطية الفرنسية وتزييفها لدى السياسة الفرنسية الجديدة ، التي تميل إلى  تغليب  المصالح على المبادىء ، في العديد من مواقفها المترددة والمتناسية للقرارات الدولية الخاصة بسوريا، والمتمسكة بالحل السياسي وملحقاته الدستورية، كمقدمة لاغنى عنها لشرعية أي مسار سوري كالانتخابات الرئاسية والبرلمانية وغيرها، علما أنها شاركت في البيان الدولي الصادر أمس (إلى جوار إنكلترا وإيطاليا وألمانيا ، وفي خبر غير مؤكد بعد، إلى جوار أميركا) والمندد بالانتخابات الجارية!.

2 وفق قوانين اللجوء الأوروبية، لايستطيع اللاجىء السوري الذهاب إلى أي مركز أو سفارة سورية والتعامل معها، لأن ذلك يسقط حقه في اللجوء فورا ، كونه طلب ذلك لحمايته من سلطات بلده أصلا. ولذلك لم يصوت أي لاجىء سوري في فرنسا بالتأكيد، ومن هنا كان محقا ( سيمر جعجع) زعيم القوات اللبنانية، عندما طالب بإعادة اللاجئء السوري المصوت إلى بلده، على الرغم من الوضع المغيب للجوء السوريين في لبنان. أما  الذين ذهبوا مع بعض المقيمين السوريين في عدد من بلدان أوروبا، إلى بروكسل وغيرها ، من العواصم التي  سمحت بإجراء الانتخابات المزعومة، فهم ليسوا لاجئين بل يتمتعون بالحماية  المؤقتة فقط ، ولذلك فهم يحتفظون بجوازات سفرهم السورية ، ويضطرون لتجديدها في قنصليات النظام . وتلك الحاجة القاهرة، دفعتهم وستدفعهم مضطرين لمثل هذا العمل، ما دامت بيانات أحوالهم الشخصية ووثائقهم وجوازات سفرهم مرتبطة بالنظام وقنصلياته، ولا مخرج لهم غيرها.

في لبنان لايتمتع اللاجئون  السوريون بحقوق اللجوء الكاملة وفق القانون الدولي أوالأوروبي، بل يتلقون الفتات من دعم منظمة الإغاثة التابعة للأمم المتحدة فقط،  وقد تعرضوا وما زالوا يتعرضون لكل أنواع التعسف والظلم من قبل أنصار حزب الله و السلطة اللبنانية  المدعومة من النظام السوري، ومن قبل بعض العنصريين اللبنانيين الجدد !.

لذلك،  فإن أخوتنا من اللاجئين السوريين في لبنان هم حاليا بين نارين ، نار النظام الذي دمّر حياتهم وأرزاقهم وبيوتهم ودفعهم إلى الرحيل ومعاناة عذابات الغربة المرة، ونار الإقامة في مخيمات اللجوء ، كعرسال وغيرها، متحملين زمهرير الشتاء وثلوجه، وحرالصيف وجمره، تحت أسقف التوتياء  والتنك وبين جدران الخفّان  الهش، التي تعرضت للهدم والاعتداء مرارا من قبل رؤساء البلديات اللبنانية العنصرية وزعرانها المعروفين . فعلينا ألا نستغرب اندفاع بعض اللاجئين إلى السفارة للمشاركة بالتصويت، طلبا لشيء من بصيص الأمان،  وتحقيقا لحلم العودة الذي قد ينقذ أطفالهم ونساءهم من مذلة مستمرة ، علىى الرغم من أنهم سيكونون كالمستجير بالرمضاء من النار، لأن شروط عودتهم الآمنة غير مضمونة ، ولن تتوفر لهم استعادة شروط حياتهم السابقة  ،  في ظل نفس النظام الذي اضطرهم إلى الهجرة، وفي ظل حلفائه الذين أوغلوا في تعزيز طغيانه! .

ـ كان الهجوم على رتل مسيرة المؤيدين المحتشدين للتصويت في السفارة السورية في بيروت ، وتحطيم سياراتهم وإيقاع الأذى ببعضهم، عملا خاطئا في رأيي، وينتمي إلى نفس سلوك شبيحة الأسد وعصاباته السورية والإيرانية المعروفة . فممارسة العنف تلك، لاتنتمي إلى أخلاق الثورة السلمية التي قمنا بها ونطمح إلى تجديدها، كما لاتنتمي لأية سمة ديمقراطية معروفة.  إنها عمل مدان بكل المقاييس ، وبدلا منها كان الأفضل على من قام بذلك التفكير ، أوالبحث عن الأسباب الحقيقية التي دفعت معظم أولئك اللاجئين إلى الذهاب إلى التصويت، بغض النظر عن تبعية بعضهم لأجهزة الأمن السورية الشهيرة بأساليبها،  أو فسادهم الخاص !. فلربما يدركون  حينها ، أن حركة الثورة والمعارضة  لم تقدم لهم بديلا عن ذلك، ولم تتمكن من توفير أية مساعدة  لهم ، بما يضمن لهم ولعائلاتهم العيش الحر والكريم ، وتلك إحدى أهم مسؤولياتها المفترضة، إذا كانت تدعي مسؤولية  ما عن شعبها، كما لم يقدم المجتمع الدولي لهم ما يفترض من حماية وعون، تضمنته الشرعة الدولية ومواثيق حقوق الإنسان المزعومة  !.

ـ من لم يعرف تعسف النظام السوري ووحشية أجهزته الأمنية والعسكرية، ومن لم يختبر عمليات التحشيد ومسيرات التأييد المنظمة والموزعة بالدور على المحافظات السورية، لن يفهم أو يقدّركيف تمت إعادة تكريس العبودية، وتركيع سوريي الداخل ، بخاصة في ظل ظروف الغلاء الفاحش الجديدة ،  وفقدان سبل الحياة الكريمة إلا لمن ناله حظ أو تقرب من حواشي السلطة وفسادها !.

وفي هذا السياق ربما يتذكّر بعض العارفين الطُرفة الكاريكاتورية والمُهينة  التالية:

في إحدى بيعات المجرم الأب، فوجىء أهالي حمص بعودة قيادة فرع الحزب الحاكم بحمص ( ومحافظها ومسؤوليها بالجملة)  للقيام بدبكة ثانية ، بعد عدة ساعات من دبكتهم الأولى،  وقد حدثت هذه العودة  نظرا لعدم رضا مراكز السلطة في دمشق عن فيلم التصوير الأول، وعندما سألنا عن سبب ذلك مستغربين  إعادة دبكة المسؤولين بالجملة  وتصويرها التلفزيوني، وكأنهم كانوا يكررون بروفة التمثيلية ، قال لنا أحد المطلعين المقربين : ياعمي صحيح هم دبكوا لكن ما نخّوا، ولذلك طُلب منهم تكرار الدبكة جيدا وتوضيح النخّ !!

هذا ماكان مطلوبا من مسؤولي وحواشي النظام، فما بال المساكين من الناس ؟! لذلك ، فلنرحم إخوتنا من اللاجئين المعتّرين على وجه هذه الأرض البائسة ، لعلنا ننال رحمة من في السماء على الأقل !.